الأربعاء، 16 يوليو 2008

محذرة من مخاطرها على العراق والأمة.. الهيئة تطالب العالم العربي والإسلامي برفض الاتفاقية الأمنية

الهيئة نت - وجهت هيئة علماء المسلمين رسالة مفتوحة الى العالم العربي والاسلامي طالبت فيها القادة والشعوب والمؤسسات الدينية والسياسية والشعبية والإعلامية بالإعراب عن رفضهم للمحاولات الأمريكية في فرض الاتفاقية الامنية على الشعب العراقي رفضا صريحا وواضحا والعمل بكل الوسائل للحيلولة دونها والتحذير من أهدافها ومخاطرها المستقبلية على العراق وعلى الأمة كلها.وفي ما ياتي نص الرسالة:-بسم الله الرحمن الرحيمرسالة مفتوحةمن هيئة علماء المسلمين في العراقإلى العالم العربي والإسلامي قادة وشعوباً أيها الإخوة الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: فحين نمعن النظر في موقف العالم العربي والإسلامي من قضيتنا ولا سيما بعد احتلال بلدنا من قبل القوات الأمريكية تضيق بنا الدنيا، فنحن أبناء العراق، كنا وما زلنا جزءاً من هذا العالم، نعتز بالانتماء إليه، ونقف معه عند الشدة، ولا نبخل عليه بشيء نملكه وهو محتاج إليه وإن كان ذاك من دمنا وعلى حساب أمننا وسعادتنا، ولم يكن ذلك في تقديرنا سوى حق من حقوق كثيرة نرى أنفسنا ملزمين بأدائها في ضوء الروابط الوثيقة التي تجمعنا بهذا العالم، وفي مقدمة ذلك الإسلام ثم الدم. وحين حلت بنا مصيبة الاحتلال، وبدأ يرتكب بحقنا ما لم يخطر ببال من قتل وتعذيب واجتياح مدن وانتهاك أعراض وحرمات ومقدسات، فجعل من حدائق بيوتنا وملاعب شبابنا مقابر لأبنائنا، وملأ السجون بالصغار والكبار والنساء والرجال، ودمر مستشفياتنا، وضيق علينا الخناق في أسباب الحياة كلها، ولاحق أبناءنا الذين يدافعون بسلطان الشرع ومواثيق الأمم عن الأرض والعرض، وفعل ما يُعد في كل الأعراف والقوانين والشرائع جرائم ضد الإنسانية، ولسنا نبالغ إذا قلنا إن ما جرى في العراق، وما زال يجري لهو أشدُّ ظلماً وفتكاً مما فعله التتار بالعراقيين سنة 656 هـ، كنا نتوقع أن نجد لدى عالمنا العربي والإسلامي موقفاً إزاء هذا الظلم يشعر المحتل بعدم الرضا عما يفعله - في أقل تقدير - ويعين المظلوم على تجاوز محنته بنحو ما كان العراق يقدمه لهذا العالم وقت المحن، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث. لقد صبرنا على ذلك، وكنا نلتمس لإخواننا العرب والمسلمين المعاذير، ونقول عسى أنهم لـم تبلغهم بعد آهات الأرامل ولا أنات المعذبين ولا شكاوى المرضى والمهجرين ولا تمتمات الجائعين أو عسى أن يكون الموقف لديهم متداخلاً، فلم يعد بمقدورهم التمييز بين الخيط الأبيض والخيط الأسود من قضيتنا بسبب مهارة المحتل في خلط الأوراق وتغييب الحقائق. ومن أجل ذلك عقدنا العزم، وقمنا بزيارة معظم دول هذا العالم ومعنا شروحات ووثائق وملفات تكشف عن حقيقة الموقف في العراق ومرفقة بحساب التداعيات التي ستطال في العاجل أو الآجل هذه الدول نفسها، وكنا نظن أن نرى بعد جولاتنا هذه جولات لهذه الدول تضع حداً للطغيان أو على الأقل تخفف من غلوائه، وتقلل من ظلمه وأذاه، وأخرى تضمد الجراح، وتسعف ذوي الحاجة، ولكن الصمت نفسه ظل الخيار لهذا العالم. أما منظمة المؤتمر الإسلامي، فلم تقم بشيء له جدوى حيال قضيتنا، ولم تمنح العراق - كبلد مسلم عضو فيها، احتلت أرضه، وقتل مئات الآلاف من أبنائه على يد المحتل - ما يستحقه منها بحسب المواثيق والمقررات المعتمدة لديها. وأما الجامعة العربية التي علقنا عليها آمالاً عديدة، فلم تسعفنا هي الأخرى، وماذا عساها أن تفعل إذا لم تسند من قبل القادة والحكام العرب؟!. لقد دعتنا الجامعة إلى مؤتمرين للمصالحة مع أناس لم يكن لدينا الاستعداد المبدئي والشرعي للجلوس معهم؛ لأنهم من جاء مع المحتل أو مهد للمحتل غزوه أو من كان شريكاً له، ولا يزال في صفقة احتلال العراق، ولكننا استجبنا لهذه الدعوة لجملة أمور، في مقدمتها: أن يكون للجامعة العربية دور مشرف تقوم به نحو العراق وشعبه في أحرج فترات تأريخه وأن نعطي إخواننا العرب فرصة لإثبات وجودهم وأن نعيد العراق إلى الحضن العربي، وبه نغلق الأبواب على قوى محلية وإقليمية وعالمية تعمل ليل نهار لعزله عن هذا الحضن العزيز بأي ثمن. لقد راقبنا عن كثب اهتمام الجامعة بقضية لبنان الشقيق واهتمام القادة العرب بهذا البلد العزيز، فكانت تسرنا منهم هذه المواقف، ونفرح لهم حين تسجل نشاطاتهم نجاحاً في هذا المجال أو أي مجال آخر من شأنه أن يعزز دورهم في التضامن وخدمة الأمة، ولكن يبقى في النفس السؤال الآتي: وماذا عن العراق؟! والعراق اليوم يتعرض لمؤامرة من نوع آخر أكثر خطورة من الاحتلال نفسه، وهي سعي الاحتلال الأمريكي إلى فرض معاهدة طويلة الأمد أمنية وسياسية واقتصادية وثقافية وحمل الحكومة الحالية بالترهيب والترغيب - وهي التي لا تمثل العراقيين - للتوقيع عليها قبل رحيل هذه الإدارة وقبل انتهاء عمل ما يسمى بالقوات متعددة الجنسيات في العراق في نهاية هذا العام 2008 م. ولقد رفض أبناء شعبنا وقواه المناهضة للاحتلال هذه الاتفاقية الظالمة التي ستدخل العراق في جحيم احتلال مستمر تصادر فيه سيادة العراق وحرية أبنائه، ويستولى فيه على العراق أرضاً وجواً وبحراً وثروات، وستكون السلطة الفعلية فيه هي للاحتلال وحلفائه ومرتزقته ولجانه الأمنية وغيرها. أيها الإخوة ولم ينخدع شعبنا بذريعة الفصل السابع الذي تتذرع به الحكومة الحالية للخديعة والتضليل، فهذا الفصل انتفت أسبابه، ولم يعد لبقائه أي مسوغ قانوني، وسيزول بعد التحرير بلا ثمن شاء المحتل أم أبى، ومع ذلك فهذا البند أهون بمرات عديدة من الاتفاقية طويلة المدى المنوي فرضها على الشعب العراقي من قبل إدارة بوش الغازية ظلماً وعدواناً. كما أعربت أطراف إقليمية وجهات سياسية شتى عن شجبها لمثل هذه الاتفاقية، ولكن المثير للأسى والدهشة في وقت واحد أن العرب قادة وحكاماً - حتى اللحظة - لم يتفوهوا إزاءها بكلمة واحدة، والجامعة العربية هي كذلك لم تفعل شيئاً حتى نال ذلك من عزم الشعوب العربية نفسها، فلم نعد نسمع لها صوتاً ولا همساً وهي المعروفة بحسها المرهف وقلبها النابض بحب العراق ومؤازرة شعبه في الملمات. أيها الإخوة إن هذه المعاهدة لو تمت، وقُدر لها النفاذ فإن الدول العربية والإسلامية ولا سيما دول الجوار ستدفع من أمنها واستقرارها واقتصادها ثمناً باهظاً طويل المدى أيضاً، وإن الجامعة العربية هي الأخرى سينحسر دورها؛ لأن بنود اتفاقياتها في التضامن بما في ذلك الدفاع العربي المشترك ستكون مجرد حبر على ورق، كما ستُبقي مظاهر الاحتلال وهيمنته الأمنية والسياسية والثقافية والاقتصادية ليس على العراق فحسب، بل على المنطقة بأسرها. إن هيئة علماء المسلمين في العراق تطالب باسم كل العراقيين الإخوة الملوك والرؤساء والأمراء العرب والمسلمين بالوقوف إلى جانب أشقائهم في العراق في هذا الظرف العصيب الذي يمرون فيه، وذلك بالإعراب عن رفضهم لهذا المحاولات الأمريكية في فرض الاتفاقية على الشعب العراقي رفضاً صريحاً وواضحاً والعمل بكل الوسائل للحيلولة دونها لا سيما أن ثمة خلافاً أمريكياً حولها يمكن استغلاله وأن الإدارة الحالية لم يبق من عمرها إلا أشهر قليلة، فلا ينبغي أن يُعول عليها في شيء، ولن يرضى العراقيون من إخوانهم بعد اليوم بأقل من ذلك. وتطالب أيضاً كلاً من منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية برفضها وعدم السكوت عليها. وتطالب أيضاً الشعوب العربية والإسلامية ومؤسساتها الدينية والسياسية والشعبية والإعلامية برفض الاتفاقية المذكورة والتحذير من أهدافها ومخاطرها المستقبلية على العراق وعلى الأمة كلها وبالذات مشيخة الأزهر وهيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية والاتحاد العام لعلماء المسلمين وهيئات الإفتاء في العالمين العربي والإسلامي وغيرها من المؤسسات الدينية والشعبية الأخرى أن يقولوا كلمة حق يحتسبون أجرها عند الله، ويذكرها لهم التاريخ، ونذكرهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من امرئ يخذل مسلماً في موطن ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته))، وقوله عليه الصلاة والسلام: ((ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى)). ولا ينبغي أيها الإخوة الثقة أبداً بوجود مناورات من قبل الحكومة الحالية للتخفيف من سقف الاتفاقية بالمطالبة الكاذبة بتحديد انسحاب قوات الاحتلال أو بجعل الاتفاقية تفاهماً أو ما إلى ذلك من الصيغ والألفاظ التي يراد بها تغطية هذه المؤامرة الخطيرة على شعبنا، فهذه اللعبة وغيرها مكشوفة لأبناء شعبنا؛ لأنه يراد منها إعطاء حكومة الاحتلال شيئاً من الاعتبار وتحسين الصورة والزعم أنها استطاعت تحقيق مكاسب أو تخفيف حجم الأضرار؛ لأن ما يريده الاحتلال سيفرضه بشكل أو بآخر فضلاً عن أن مبدأ عقد اتفاق بين شعب محتل مغلوب على أمره مع جهة الاحتلال نفسها أصل البلاء، وفيه مكمن الخطر، وهو المرفوض جملة وتفصيلاً. إننا نذكر الإخوة جميعاً أن الشعب العراقي قد اعتمد أولاً وآخراً على الله الحي القيوم الكبير المتعالي في سعيه لتحرير البلاد والعباد، وله ثقة كبيرة به سبحانه أن يعينه على نوال حريته، وسيعود هذا البلد الطيب - بإذن الله - إلى أهله وأبناء أمته وإلى موقعه المميز في أرض العروبة والإسلام. قال الله تعالى: [ولينصرنّ الله من ينصره إن الله لقوي عزيز]. أيها الإخوة إن هذا الأمر آتٍ لا محالة، نستشرفه كما يستشرف أحدكم قابل أيامه، ولكن أيها الإخوة الكرام ثمة فرق بين أن يقوم هذا الأمر بمشاركة منكم، ويكون لكم فيه فضل وشرف وذكر طيب في التاريخ، وتقر بذلك عيون شعوبكم، وتنظر إليكم الأمة بإجلال وإكبار أو يقوم عليكم من غير حول منكم ولا قوة، فيفوتكم خير ذلك كله. وفي كل الأحوال لم يعد بعد اليوم عذر لمعتذر. قال الله تعالى: [وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون]. اللهم إنا قد بلغنا.. اللهم فاشهد. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الأمانة العامةهيئة علماء المسلمين في العراق‏الأحد 10‏ رجب 1429 هـ‏13‏ تموز 2008 م

ليست هناك تعليقات: